يحكى أن شابا كان يسكن في إحدى القرى، قد نبغ ومهر في العزف على المزمار، وقد دأب في كل مساء قبل مغيب الشمس، يخرج آلته ويؤنس وحدته وهو يرعى قطيعه من الغنم، فكان العازف الشاب يشدو بأجمل الألحان لكنها لا ترتقي لذائقة أهالي قريته، ولم يجد أي كلمة تحفيز أو تشجيع منهم ، إلى أن مر عليه في يوم من الأيام واحد من الرحالة، فاستوقفته ألحان هذا الشاب، وطلب إليه أن يرافقه في مقابل أن يمنحه كل شهر ألف درهم، فوافق الشاب على العرض وسافر معه إلى قرية ليست ببعيدة، وهناك أعلنوا عن حفلة كبيرة عزف بها الشاب أعذب الألحان، ونال رضا وتصفيق الجمهور.
مع مرور الأيام، واستمرار الشاب بإقامة الحفلات، ذاع صيت الفتى وأصبح مشهورًا في كل القرى المجاورة، إلا أن حنينه وشوقه جعلاه يتمنى أن يعود إلى قريته، وطلب من الرحالة أن يذهب معه هناك ويقيما حفلة كالحفلات التي أقاموها في القرى المجاورة، وما إن وصلا القرية حتى ذهبا إلى مكان الاحتفالات وأخرج نايه وأخذ يشدوا به أجمل الألحان، وما إن انتهى الشاب من عزف لحنه، توقف ظانا أن أهل قريته سيصفقون له معلنين إعجابهم بما قدمه، غير أنه لم يجد حوله سوى صديقه الرحالة ، الذي قال له: يا صديقي، إن زامر الحي لايطرب.
في كل مكان وزمان نجد هذا الزامر والذي لا يطرب من هم قريبين منه رغم إن ما يقدمه يستحق الإنصات والإعجاب به والتصفيق له ولعل أحد النماذج الجميلة لهذا الزامر في وادينا هي الجمعية الخيرية بوادي قديد والتي يقف خلفها رجال نذروا أنفسهم ووقتهم وجهدهم لخدمة فئات عزيزة وغالية علينا من الأرامل والأيتام والمطلقات والمحتاجين وغيرهم ممن يستحق الدعم والمساعدة ، محتسبين في ذلك الأجر والمثوبة من الله ، وهم نحسبهم والله حسيبهم لم ولن يألوا جهدا في تقديم ذلك ، وهم قبل ذلك صدورهم مفتوحة للجميع لتقبل الآراء والمقترحات التي تنهض بالجمعية وأعمالها وتجعلها في المقدمة دائما.
الجمعية تقوم بأعمال خيرية وخدمة تطوعية هي محل تقدير وامتنان وشكر وعرفان ، وقد لاحظنا ولمسنا ذلك من خلال ما نطالعه من خلالوسائل التواصل الاجتماعية المختلفة، لكننا في الوقت نفسه لا نجد التفاعل والدعم اللازم كما ينبغي ممن يعول عليهم كثيرا سواء أكان هذاالدعم عينيا أم معنويا ومن خلال تواجدي في كثير من مجموعات "الواتس" أشاهد كثيرا من التصاميم الإبداعية التي تحمل برامج الجمعية ومشاريعها لكن السؤال هنا من الذي ينقلها لنا ؟ إنهم أعضاء الجمعية ومنسوبوها ، وغيرهم لا يحرك ساكنا وكأن لسان حاله يقول لا شأن لي بها وبأخبارها وبرامجها ، وقد يأتي ببرامج غيرها ، ونحن هنا لا ننكر فعله لكننا نقول "الأقربون أولى بالمعروف" وليس بـ "التجاهل".
خلال أيام معدودة يطل علينا شهر الخير والبركات، شهر البذل والعطاءات ، شهر الأعمال الصالحة والطاعات ، فحري بنا أن تغتنمه ونبادربالمشاركة والمساهمة في مشروع السلة الرمضانية لهذا العام 1443هـ أحد مشاريع الجمعية في مرحلته الأولى والتي خصصت لأسرالأيتام، مستذكرين حديث الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم : «من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجرِه غيرَ أنه لا ينقص منأجر الصائم شيئًا» ليس ذلك فحسب وإنما هو أيضا يدخل في باب كفالة الأيتام ، وقد قال ﷺ: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين،وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما».
خاتمة :
كان أبو طلحةَ أكثَرَ أنصاريٍّ مالًا وكان أحَبَّ أموالِه إليه بَيْرَحاءُ وكانت مستقبِلةَ المسجدِ وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدخُلُها ويشرَبُمِن ماءٍ فيها طيِّبٍ قال أنسٌ فلمَّا نزَلت هذه الآيةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قام أبو طلحةَ إلى رسولِ اللهِ صلَّىاللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّ اللهَ يقولُ في كتابِه: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وإنَّ أحبَّ مالي إليَّبَيْرَحاءُ فإنَّها صدقةٌ للهِ أرجو بِرَّها وذُخْرَها عندَ اللهِ فضَعْها حيثُ شِئْتَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( بَخٍ ذاك مالٌ رابحٌ بَخٍ ذاك مالٌرابحٌ وقد سمِعْتُ ما قُلْتَ فيها وإنِّي أرى أنْ تجعَلَها في الأقربينَ ) فقال أبو طلحةَ: أفعَلُ يا رسولَ اللهِ فقسَمها أبو طلحةَ في أقاربِه وبني عمِّه.
6 comments
6 pings
Skip to comment form ↓
أبو حاتم
04/03/2022 at 11:40 م[3] Link to this comment
سلم اليراع الذي سطر هذه الكلمات ، و البنان الذي أمسك به ، شكر الله لك أبا نياف
عوض الخرماني
04/03/2022 at 11:58 م[3] Link to this comment
تسلم يمينك. ابا نياف على هذي الدرر
كتبت. وابدعت وانصفت مقال جميل وراقي يكتب بما الذهب. يعبر عن واقع..
جزاك الله خير وبيض الله وجهك
Turki Algrigri
04/03/2022 at 11:58 م[3] Link to this comment
لله درك كتبت فاصبت عين الحقيقه كلمات لاتقدر بثمن وتوصيف اكثر من رائع
Alwageeh
05/03/2022 at 3:15 ص[3] Link to this comment
جزاك الله خير الجزاء
سطرت فأبدعت
ارفق حساب الجمعيه البنكي إن وجد
فالأقربون اولى بالمعروف
فيصل
07/03/2022 at 12:09 م[3] Link to this comment
جميل جدا
أبو كيان
08/03/2022 at 4:38 م[3] Link to this comment
مقال يشدك بكل امانه..
يسلم فكرك وتسلم يدك على هذا المقال الاكثر من رائع