تساهم التكنولوجيا التعليمية الحديثة في زيادة فعالية التعلم والعدالة والإنصاف في إتاحة فرص التعلم أمام الجميع دون استثناء، وتخفيض كلفة التعلم أمام المتعلمين ومواجهة التحديات والتهديدات التي تبزغ نتيجة للتغيرات المستمرة التي يشهدها عالم اليوم والمستقبل، فالتكنولوجيا التعليمية المتقدمة من تطوير وتطويع البرمجيات التعليمية وتلبية الحاجات في تطوير وتقديم برامج تعلم تثري ملكات الطلاب.
وهذا يدل على أن دور المعلم أصبح مغايرا لدوره التقليدي، فالمعلم بذلك يتحول من كونه المالك الأوحد للمعلومات والمعارف إلى مساهم فعال في التعليمية، ويسعى لأن ينمو هو وطلابه في آن واحد.
فالمعلم في عصر الإنترنت يلعب أدوارا جديدة ترتكز على تخطيط العملية التعليمية وتصميمها، وإعدادها، إضافة إلى كونه باحثا ومساعدا وموجها، وتكنولوجيا، ومصمما، ومديرا ومبسطا للمحتوى والمعلومات، ويتسم بمجموعة من الكفايات منها: كفايات تصميم التعليم، وكفايات توظيف تقنية التعليم، وكفايات تشجيع تفاعل الطلاب وتقدمهم.
إن الدور الذي يلعبه المعلم في التنمية الوطنية من خلال العملية التعليمية يعتبر بمثابة العمود الفقري، إذ من خلاله تشكل شخصية الطالب وتغرس فيه القيم وتنمي المهارات ويزود بالمعارف والخبرات اللازمة للمساهمة في بناء الوطن من خلال رؤيته المستقبلية، وذلك من خلال الأنشطة التعليمية غير التقليدية يقوم المعلم ببث القيم والأخلاقيات وزرعها في نفوس الطلاب منذ الصغر، مما يمنحهم الثقة في النفس، و يجعلهم أعضاء فاعلين في المجتمع.
كما يبرز دور المعلم كذلك من خلال تنمية مهارات التفكير النقدي، والتفكير الإبداعي لدى الطلاب، وهو الأمر الذي يتطلب معلمين على درجة عالية من الكفاءة والمهارة، ولتحقيق دور المعلم يجب أن يكون قدوة جيدة للتلاميذ من خلال التصرف بالتصرفات اللائقة، وضبط النفس، الاعتماد على مبدأ التربية في تأهيل الطلاب، مما يجعلهم مرتبطين بالدراسة، كما أن للمعلم دور في تعزيز الانتماء الوطني وحب الوطن والانتماء إليه من الأمور الغريزية التي تستأصل في النفس البشرية منذ الصغر فيتعلم الطالب حب الوطن، من خلال حب المدرسة التي ينتمي إليها، ويلقي في قلبه حب المدرسة من خلال المعاملة الطيبة التي يتلقاها من المعلم، والمحبة التي يغمر طلابه بها، كما ويتعلق الطالب كذلك بالمدرسة حينما يجد أن البيئة المحيطة به في المدرسة بيئة محبة ومتعاونة ومستقرة، حيث يزرع المعلم بين الطلاب حب العمل، والاجتهاد والإخلاص فيه، وهي الأمور التي يستقي منها الشخص حبه لوطنه واستعداده للدفاع عنه.
كذلك فإن المعلم يعمل على تحقيق التوازن النفسي عند الطالب من حاجته إلى الرعاية، والشعور بالانتماء إلى المكان الذي يعيش فيه، ومن خلال الجولات التعليمية والتعرف على الأماكن التاريخية، والمعالم الهامة في الوطن، وغيرها من الجولات التي تغرس في الطالب قيمة الوطن، والإنجازات التي تتم فيه، وهو ما يجعله يشعر بالفخر لانتمائه لهذا الكيان الذي يقدم كل تلك الإنجازات والخدمات، مما يجعله ينشأ ويكبر معه حب الوطن، فاستكشاف الطالب لوطنه، وتعريفه بمدى أصالة وعراقة هذا الوطن يجعله يفخر بالانتماء إليه، وبالتالي تنمو معه محبة الوطن، ويصبح قادراً على تقديم كل ما يحتاجه منه الوطن، لينمو ويزدهر ويتطور.
والمعلم يحمل على عاتقه صناعة الإنسان وتنويره وتوضيح المعاني السامية للإنسان ليصنع منه إنساناً مؤثراً في حياته ورجلاً صالحاً، حيث يعتبر المعلم من أوائل المؤثرين في تشكيل سلوكيات وأخلاق الإنسان فهو المثال لطلابه لذا وجب على المعلم أن يتحلى بالأخلاق الحسنة والقيم الراقية وأن يتحلى بالمظهر اللائق حتى يكون خير قدوة ومثال تتشكل أخلاق وسلوكيات طلابه تبعاً له، و ينقل هذه السلوكيات تدريجياً لطلابه عن طريق تحفيزهم وتوجيههم للسلوكيات الجيدة وذلك من خلال تعامله مع طلابه وزملائه بطريقة جيدة لائقة متفهماً لأخطائهم ويعفو عمن حوله.
كما أنه من أهم الأدوار التي يقوم بها المعلم تحفيز مواهب طلابه و إبداعهم فالمعلم هو الذي يخلق الفرص لطلابه لتوسيع مداركهم والارتقاء بأفكارهم، وكذلك تحفيزهم على التفكير النقدي لحل المشكلات فيصبح لدينا جيل من الشباب الواعي الذي يتحلى بكثير من الصفات الجيدة كالمرونة في التفكير والقدرة على حل المشكلات.
إن المعلم وما يبذله من جهد متواصل وما يسعى إليه من تنمية مهنية مستمرة لصقل كفاياته وتطويرها يدعم جهود تطوير التعليم ووسائل إصلاحه، ويسهم بذلك في تحقيق تنمية شاملة تستند إلى الواقع وتستشرف المستقبل، وتحقق طموحات الوطن والمواطن في عالم أصبحت فيه المعرفة هي القوة الحقيقية، وأصبح التعليم هو الوسيلة الفاعلة لتحقيق التنمية والتقدم للفرد والمجتمع معاً.
والتقنيات التربوية الحديثة ليست بديلاً عن المعلم، ولكنها أدوات في يده يستثمرها لتفعيل دوره وتعميق أثر التعليم واستنهاض قدرات طلابه، ومساعدتهم على تنمية طاقاتهم إلى أقصى مدى ممكن، حيث أنها لم تقلص من دور المعلم، بل دعمته وجعلت منه دوراً متميزاً يستلزم توافر مهارات وكفايات متطورة، لتتوافق مع مجتمع المعلومات وحاجات الطلاب، بوضع التعليم في مسارات جديدة تنأى بوظيفة المعلم على الأدوار التقليدية.
وإذا نظرنا إلى تقنيات التعليم على أنها برنامج للعمل والممارسة اختيرت مكوناته ورتبت ترتيباً محدداً في ضوء منظومة معرفية سلوكية تتمتع بدرجة مقبولة من الصدق العلمي، كما تأكد بأن التقنيات التربوية اثرت بشكل كبير على التعليم والوسائل المتبعة القديمة وحلّت محلها وسائل تكنولوجية حديثة ساعدت الطلاب في الوصول إلى المعلومة بشكل يسر وسهولة، وأخذت المؤسسات التعليمية تتسابق على توفير وسائل تعليم فعّالة لمساعدة الطالب على التعلّم وتوفر له القدرة على الإبداع والتميز في ظل التغيرات المتسارعة في جميع مناحي الحياة.
وقد ساهمت التقنيات التعليمية في التطوير من دور المعلم ومنحته أدواراً جديدة مثل دوره كمشخص، حيث يتمثل دور المعلم هنا في الأخذ بيد الضعيف ليضعه على الطريق الصحيح وعلى طريق الثقة بالنفس، وفي نفس الوقت توحيه القوي المتمكن نحو المزيد من القراءات والبحوث ونحو مزيد من الاطلاع.
وكذلك دوره كمصمم برامج حيث أصبح المعلم مخططاً لخبرات وأنشطة تعليمية مرتبطة بالأهداف المخطط لها، و تناسب مستوى المتعلمين وطرق تفكيرهم وتسهم إسهاماً فعالاً في مساعدتهم على بلوغ الأهداف التعليمية، كما أصبح المعلم مسؤولاً عن إعداد المواد التعليمية اللازمة، كالمجتمعات التعليمية ورزم التعلم الذاتي ليتمكن الطلبة من ممارسة عملية التعلم.
إن التقنيات لم تجعل دور المعلم ثانويا، بل جعلت له أدوارا إضافية مميزة، لا يمكن التغافل عنها، إلا أنه يصعب على المعلم منفرداً ممارسة أدواره جميعها بالفاعلية والكفاءة المنشودتين ما لم تتضافر جميع جهود العاملين في الميدان التربوي.
وفي الختام المعلم هو حجر الزاوية والعمود الفقري في العملية التربوية والتعليمية، وهو المصدر الأساسي لتخريج أجيال صالحة لخدمة أوطانها والرقي بها، لذا فإنه من الواجب على أي أمة أرادت يوماً أن تتقدم وتتصارع في مضمار الأمم المتقدمة أن تهتم بتوفير معلم على قدر من الثقافة والخلق العالي.
بقلم الأستاذة عهود عاطي القريقري
مديرة مدرسة ابتدائية ومتوسطة قاعه بظهران الجنوب
4 comments
4 pings
Skip to comment form ↓
Danh
04/02/2023 at 8:03 م[3] Link to this comment
كلام راااائع من قائدة رائعه👍🏻👍🏻
الحربي
04/02/2023 at 8:45 م[3] Link to this comment
بارك الله فيك استاذه عهود على المقال
شريفه القريقري
05/02/2023 at 11:24 ص[3] Link to this comment
بحث قيم من قلم تربوي متميز
نعم المعلم في التعليم الالكتروني ميسرا وموجها وليس ملقناً للمعلومات حيث يقدم التوجيهات التعليمية للمتعلمين بما يكشف عن مواهبهم وابداعاتهم..
شريفه القريقري
05/02/2023 at 11:27 ص[3] Link to this comment
بحث قيم من قلم تربوي متميز
نعم المعلم في التعليم الالكتروني ميسرا وموجها يقدم التوجيهات بما يضمن كشف مواهب تلاميذه وابداعاتهم ..